قامت هذه النظرية على أساس وجود صلة قوية وثيقة بين ما ينطق به الإنسان وما يدور في فكره ، وهي تدور حول او نظرية : Ding dong أن الإنسان يرى الأشياء والحوادث في العالم الخارجي فيتاثر بما يرى ، ثم ينطق باصوات سبيها هذا التأثر ، أي أن الألفاظ ليست إلا صدى لمؤثرات خارجية ، وبني أصحاب هذه النظرية رأيهم على ما يلحظه الإنسان في المحسوسات ، فحركة الجسم تولد صوتا خاصة بها يختلف عن اي صوت لحركة جسم آخر ، وكل جسم يرتطم بأخر يولد صوتا معينا يختلف عن الصوت الناتج من ارتطام ذاك الجسم بجسم آخر غير الجسم الأول ، فالضرب على الحديد يولد صوتاً يختلف عن الصوت الناتج عن الضرب على الخشب ، كما يختلف عن الصوت الناتج عن الضرب على الصخر ، وسقوط صخرة وارتطامها بالأرض له صوت يختلف عن الصوت الناتج عن سقوط أي جسم آخر ، فتعدد الأصوات يتعدد يتعدد الأشياء التي أحدثتها ، ولعل ما ذكره ابن سينا في كيفية حدوث الصوت وأنه ناتج عن القرع والقلع قريب مما تذهب إليه هذه النظرية ، يقول : " وأما في القرع فلاضطرار الفارع الهواء أن ينضغط وينفلت من المسافة التي يسلكها القارع إلى جنبتيها بعنف وقوة وشدة وسرعة ، أما في القلع فلاضطرار القالع الهواء إلى أن يندفع إلى المكان الذي أخلاه المقلوع منهما دفعة بعنف وشدة . وفي الأمرين جميعا يلزم المتباعد من الهواء أن ينقاد للشكل والموج الواقع هناك ، وإن كان القرعي اشد انبساطا من القلعي وقد رفضت هذه النظرية كذلك لأنها لا تفسر لنا نشأة الفاظ اللغة كلها ، ولأنها " بنيت على أساس غامض ، وأحاطها أصحابها أنفسهم بالألغاز والسحر ، مما جعل معظم اللغويين
الآن يمرون بها مر الكرام
5 - نظرية الأصوات التعجبية والعاطفية ،
او نظرية Pooh-pooh
تذهب هذه النظرية إلى أن اللغة الإنسانية بدأت في صورة شهقات أو تأوهات صدرت عن الإنسان بشكلل غريزي للتعبير عن انفعالاته في فرح أو ألم أو دهشة أو غضب أو حزن أو استغراب أو نحو ذلك من الانفعالات فيرتبط الصوت الصادر عن الإنسان بالحالة التي هو فيها ، فعندما يطأ الشخص جسماً صلباً فإنه يصرخ ( أوه ، أو أه ) وعندما يضجر من شيء فإنه يتأفف قائلاً ( أف) وهكذا . وهذه الأصوات التي أصبحت معبرة عن وضع معين قد تكون مشتركة بين البشر ، ولعل بعض أسماء الأصوات في اللغة العربية يدل على شيء من هذه النظرية ( أف ، أه ، اوه ، أخ ، صه ، مه ) . إلا أن هذه النظرية رفضت لأنها لا تقدم لنا كيف تتم تلك الشهقات أو التأوهات ، وحاول، داروين الربط بين هذه الأصوات وبين تقلصات أعضاء النطق أو انبساطها ، أي أنه حاول تفسيرها تفسيرا فسيولوجيا ، فيقرر أن الشعور بالازدراء أو الغضب يصحبه عادة ميل إلى النفخ بالفم أو من الأنف ومن هذا ينشا صوت Pooh في الانجليزية ، أو (أف) في العربية والحقيقة أن مثل هذه الصرخات أو الصيحات لا تصدر عن الإنسان عن وعي وإدراك أو بصورة إرادية ، إنما أصوات فجائية " فينها وبين الكلمات فجوة تجعلنا بعد تلك الأصوات صورة سلبية للكرلام ، فليست تصدر عن المرء إلا حين يعييه القول أو حين يأبي الكلام ولهذه الأسباب رفضت هذه النظرية .
6- نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
أو نظرية Yo-he-ho
وملخصها أن اللغة الإنسانية نشأت في صورة جماعية عند قيام مجموعة من الناس بعمل شاق مرهق فإنهم قد يتفوهون بأصوات معينة يجدون في إصدار مثل هذه الأصوات ما يعينهم أو يساعدهم او يخفف عنهم هذا العمل المضني ، كان يقوم عدد من العمال برفع شيء ثقيل فيصدرون صوتيا يحدد نقطة البداية ، أو الانطلاق في العمل ، ه. ويلمسون في هذا الصوت شحا للهمم والحث على عدم التراخي . وكذلك الحجار الذي يقطع الصخر طيلة النهار فإنه ينفث زفرات تعينه على إنجاز عمله وتقوم بتسليته في يومه . وقد رفضت هذه النظرية كسابقاتها لأنها لا تستطيع ان توضح لنا كيف ظهرت كل ألفاظ اللغة .
ملاحظة :
هذه هي أهم النظريات التي حاولت تفسير نشأة اللغة ، وقد رفضت جميعها لأنها لم تستطع أن تقدم حلا معقولاً لنشأة اللغة فهي لم تفسر إلا ناحية قليلة من نواحي اللغة ، ثم إن هذه النظريات لم تفسر لنا متى بدأ الإنسان في استخادم اللغة ، وكان اللغة عنده بدأت فجأة دون أية مقدمات ، كما أننا لا نستطيع أن نعرف شيئا من هذا القبيل إلا من خلال الحدس
والتحصين
اللغة العربية واللغات السامية
عاشت في أقصى الغرب الأسيوي مجموعة من الأقوام تتقارب لغاتهم, وقامت لهم حضارات متعاصرة أو متعاقبة أطلق عليهم اسم الساميين كما أطلق على مجموعة اللغات التي نطقت بها تلك الشعوب اسم اللغات السامية وتضم مجموعة من اللغات هي اللغة البابلية والأشورية والعربية والعبرية والآرامية والفينيقية والحبشية " وبعضها حي